تريد ذا حسب ونسب عال
من الصفات التي تُرغب في اختيار شريك الحياة كونه ذا حسب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك »متفق عليه من حديث أبي هريرةt .
ولاشك أن طبيعة الأسرة والتربية لها دور كبير في صقل شخصية أبنائها ، والتأثر بها من حيث السلوك والأخلاق والطبائع ، التي تتوارثها الأجيال خلفًا عن سلف .
ولاشك أن علو النسب مما يتشرف به الإنسان ، لكن لا يكون على حساب الدين والخُلق .
فهل يصح أنه كلما تقدم شاب صفاته محمودة لفتاة ردته أو رده أهلها بحجة كونه خضيري ليس بقبيلي ، أو ليس من بني قومها ؟! .
لو سلمنًا جدلًا أن كل شباب قبيلة يتزوجون بنات قبيلتهم لبقي عدد كبير من الفتيات بدون زواج ـ لأن النساء في غالب العالم أكثر ـ وأكثرهن لا يرضين أن يكن زوجة ثانية فضلًا عن ثالثة ورابعة !.
وبعض الفتيات يشترطن جنسيات معينة تأمينًا لمستقبلهن زعمن ! ، وما يدرين أن هذا تواكل ليس بتوكل على الله I ومن توكل شيئًا وُكل إليه .
أكثر الناس زوجن بناتهن من بني جنسهن ، ولم يجعلوا هذا عائقًا عن الزواج وسارت أمورهم بتيسير الله I على أحسن ما يرام ، أو مع بعض المنغصات التي لا تخلُ منها أسرة ، ومع ذلك هم سعداء .
إذن الحل الصحيح أنه كلما كان هناك تقارب وتوفر
الشاب المناسب فينبغي تزويجه .
قد زوج النبي عليه الصلاة والسلام فاطمة بنت قيس القرشية بأسامة بن زيد وهو مولى !.
إذا تنازل الفتيات وأهاليهن عن هذا الرأي لتزوج كثير من بنات المسلمين ، ولأصبح لهن كيان وأسرة وأولاد .
تريد طالب علم !
بعض الأخوات الفاضلات المستقيمات على أمر الله ونهيه ولهن حظ من التعليم الشرعي يشترطن شروطًا تعجيزية لمن يتقدم لهن ، وهي شروط صعبة المنال في هذه الأزمان ، كأن يكون المتقدم لها من طلبة العلم ! ، وممن يحضر دروس العلماء ، ومنهجه منهج علمي رصين ! ، ويسألن : لمن يحضر من أهل العلم ؟ ولمن يستمع ؟ وهل هو يشاهد التلفاز ويسمع الأغاني ؟! مع أن المتقدم لها شاب مستقيم ! ، وكذلك تسأل : هل أهله كلهم ملتزمون ويذهبون إلى مدارس تحفيظ القرآن ؟ أم عوام يسمعون الأغاني ويشاهدون التلفاز ؟! .
ما هذه المصيبة التي حلت بهؤلاء الأخوات هداهن الله ! ..
نحن لا نقول للفتاة تزوجي بأي أحدٍ ؛ بل كلما كان هناك تقارب في الثقافة والعلم ، كان ذلك أكمل وأجمل لكنه ليس شرطًا .
إلى متى تظل الفتاة في بيت أبيها تنتظر أن يتقدم لها طالب علم حسب الشروط والمقاييس التي وضعتها ؟! ، قليل جدًا طلاب العلم بحق ، فهم في الناس كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود !.
وصدق ابن الجوزي القائل :
كانوا إذا عدوا قليلًا فصا روا اليوم أقل من القليل
ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . قالوا : يا رسول الله وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه . . ثلاث مرات » ؟ أخرجه الترمذي وغيره وحسنه الألباني بطرقه .
والمستقيم على أمر الله ممن يُرضى دينه ، ولا يشترط أن يكون من طلبة العلم ، وهكذا كان غالب أصحاب النبي عليه الصلاةوالسلام ليسوا علماء بل كانوا عمالًا ومزارعين وتجارًا ، لكنهم يتحرون ويتفقهون فيما أمر الله ويسألون النبي عليه الصلاة والسلامعما يعرض لهم ، ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون الأكابر من أصحابه وهم قلة ، ويزوجون بعضهم بعضًا ولا يلتفون إلى هذا الشرط الذي هو كالكبريت الأحمر الذي يعز وجوده ! . ثم أقول لهؤلاء الأخوات اللاتي يشترطن شروطًا
تعجيزية لمـاذا تردنْ طـالب علم أو شيــخ ؟ هل من أجــل
التفقه عليه والقراءة عليه ؟ ودروس العلماء وكتبهم وأشرطتهم موجودة في كل مكان .
لو تزوجتي طالب علم أو غيره فهو في النهاية زوج من الأزواج مطالبهم متفقة ـ لأنهم رجال ـ من الخدمة ، والمبيت ، والعشرة ، والتجمل له ، والتحبب إليه ، والطاعة له بالمعروف .
الرجل لا يريد امرأة تلقي له دروسًا ومحاضرات في البيت ، بل يريد ( زوجة ) تسكن نفسه إليها بكل ما تعنيه هذه الكلمة وتطيعه فيما أمر في غير معصية الله .
هل تتوقعين أيتها الأخت الفاضلة أن الرجل يرضى أنه كلما أراد فعل أمر ما مما أباحه الله ، أو طلب من زوجته شيئًا ناقشته وطلبت منه الدليل ! ، وربما خالفته وأن رأيها هو الراجح ! ، وقد أخذ به العالم الفلاني لأنه أقوى دليلًا ! ، وأن رأي زوجها مرجوح لضعف حجته ودليله ؟! هل سيعجبه هذا الأسلوب ؟ أبدًا لن يعجبه ، بل يريد امرأة ترضخ لمطالبه لأنه القوام عليها والقائم بشؤونها
إن الزوجة الصالحة في المنظار الشرعي ليست هي طالبة العلم أو كثيرة العبادة فقط بل هي الطائعة لزوجها مع
ما ذُكر .
نصيحة أخيرة
أخواتي الفتيات : العمر يمضي ولا يعود ، وشبابك إذا ذهب لن يرجع ، فاغتنمي الفرصة إذا سنحت ، وتنازلي عن بعض شروطك لتجدي الأغلى والأحلى البيت والزوج والأولاد .
ولنقف قليلا مع هذه القصة التي نشرتها مجلة اليمامة . « طبيبة تصرخ : خذوا شهاداتي وأعطوني زوجا ! .
في السابعة من صباح كل يوم وقت يستفزني ، يستمطر أدمعي ، أركب خلف السائق متوجهة صوب عيادتي بل مدفني ، بل زنزانتي وعندما أصل مثواي أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني ، وينظرن إلى معطفي الأبيض ، وكأنه بردة حرير فارسية ، وهو في نظري لباس حداد لي !.
أدخل عيادتي ، ثم أتقلد سماعتي وكأنها حبل مشنقة يلتف حول عنقي ، العقد الثالث يستعد الآن لإكمال التفافه حول عنقي، والتشاؤم ينتابني على المستقبل .
خذوا شهاداتي ومعاطفي وكل مراجعي ، وجالب السعادة الزائفة [ تعني المال ] ، وأسمعوني كلمة : ( ماما ) !
ثم تقول هذه الأبيات :
لقـد كنت أرجــو أن يقال طبيبة
فقد قيل فمـا نــالني من مقالهــا
فقـل للتي كانت ترى في قــدوة
هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
وكل منــاها بعض طفل تضمه
فهل ممكــن أن تشتريه بمالهــــا
التوقيع : دكتورة س . ع . غ . الرياض » .
أسال الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير ، ويرزقك الستر والعفاف وراحة البال .
هذا ؛ وصلى الله على محمد ، والحمد لله رب العالمين
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة
التعديل الأخير تم بواسطة علي العلي911 ; 18-12-2010 الساعة 10:42 AM