لفتات ومقتطفات
في الحج أنت إنسان آخر .. إنسان مختلف .. أو هكذا يفترض أن تكون.
في الحج أنت تستحضر هذه العبادة العظيمة في كل خطوة .. وكل سلوك .. وكل كلمة .. فكل شيء محسوب عليك وعلى عبادتك .. وطوال الوقت تجد نفسك تلقائياً وفي كل موقف أو قبل كل سلوك تقول: أنا حاج يجب أن أفعل كذا .. أنا حاج يجب ألا أقول كذا.
الحج لحظاته ثمينة جداً .. وتشعر أنك لا تريد أن تهدرها بأي حرف أو لفتة تقسده عليك وتفقدك أجره وثوابه.
الصحبة هامة جداً في رحلة كرحلة الحج .. فإن رزقك الله صحبة صالحة فقد كسبت الكثير .. فهي تعينك على عبادتك .. كما أنها تؤثر فيك وفي سلوكك تلقائياً .. فتحاول التمثل بهم فتزداد همتك وإقبالك على العبادة.
خلال الرحلة كنت أسمع تعليقات وانتقادات من البعض على أداء الحملة وخدماتها .. فمنهم من انتقد الطعام .. ومن انتقد مكان النوم في منى .. ومن انتقد مخيم عرفة .. ومن انتقد الوضع في مزدلفة .. ومن انتقد طول الانتظار وطول البقاء في الباصات .. ومن اعترض على مشينا على الأقدام ما بين السكن ومخيم منى ..... كنت أسمع هذه الانتقادات (المرفهة) وأنا أرى في ذات الوقت أناس افترشوا الأرض والتحفوا بالسماء في الحرم وفي طرقات منى .. فلا خيمة ولا فراش .... وأنا أرى أناس تعلقوا بأسطح الباصات لنقلهم إلى عرفة ومزدلفة .. فلا باص مكيف ولا كراسي مريحة .... وأنا أرى أناس يأكلون أقل القليل .. فلا بوفيه مليء بأصناف الطعام ومختلف المشروبات .... وأنا أرى أناس يمشون مسافات أطول بكثير من المسافة التي مشيناها وهم يحملون حقائبهم فوق رؤوسهم وعلى ظهورهم .. فلا وسائل نقل ولا من يحمل عنهم أثقالهم .... فكنت أتساءل كيف يمكن لأي شخص أن يعترض على أي شيء ولا يقدر النعمة التي رزقه الله إياها ويتجاهل أن هناك آخرون يعانون معاناة حقيقية لأداء هذه الفريضة العظيمة؟!!!!
خلال طواف الإفاضة طرأ على ذهني أمر ـ ولا تضحكوا عليّ ـ حيث إن الناس كانوا كثراً وكنت أرى كثيرين يتصببون عرقاً .. وبعضهم كان يتقرب منا كثيراً بحكم الزحام .. ولكنني رغم ذلك لم أشم رائحة منفرة من أي شخص على الإطلاق.
خلال طواف الوداع كانت هناك امرأة عجوز قد تكون سبعينية .. انحنى ظهرها انحناءاً شديداً .. رافقتنا في كل شوط من أشواط الطواف .. رأيتها تمسك بيد زوجها الكهل وتطوف بهمة دون تعب أو كلل .. فتذكرت بعض أخواتنا وإخواننا ـ الشباب ـ الذين رفضوا العودة إلى منى في اليوم التالي من الإخلاء لأنهم تعبوا من المشي!!!
موقف طريف
كما قلت سابقاً كان الإخوان والأخوات يطرحون أسئلتهم على الشيخ المرافق لنا .. وأكثر سؤال تم طرحه طوال أيام الحج هو سؤال عن استخدام مناديل ومعقم الديتول .. حيث كان هذا السؤال يُطرح يومياً وأكثر من مرة في اليوم والواحد بدون مبالغة .. لدرجة أن الشيخ عندما سئل عنه بعد التحلل الأول قال: نعم نعم الآن تستطعيون استخدام الديتول وأم الديتول وأبو الديتول وكل طوايف الديتول
أخواتي وإخواني..
بصراحة فاشلة جداً في الاختصار والتلخيص فلا تنعتوني بالثرثرة .. ولعلي أحببت أن تعيشوا معي لحظاتي في الحج كما عشتها .... فمنكم المعذرة
وسامحوني إن كانت هناك أخطاء غير مقصودة في الموضوع .. فمهرة الله يحفظها يالسة فوق راسي