سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال:
إذا أراق الرجل الأعزب منيه مع نفسه فهل يعتبر ذلك زنا ؟ وما حكم ذلك ؟
الجواب:
هذا يسمى عند بعض الناس العادة السرية، ويسمى جلد عميرة، ويسمى الاستمناء . والذي عليه جمهور أهل العلم
تحريمه، وهو الصواب؛ لأن الله جل وعلا قال - لما ذكر المؤمنين وصفاتهم -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *}[المؤمنون] .
والعادي هو الظالم المتعدي لحدود الله؛ فأخبر سبحانه أن من تجاوز جماع الزوجة وجماع السُّرِّيَّة[1] فإنه عادٍ . ولاشك أن
الاستمناء خارج عن ذلك .
ولهذا استنبط العلماء من هذه الآية الكريمة تحريم هذه العادة السرية؛ وهي الاستمناء باليد، يعني إخراج المني بيده عند
تحرك الشهوة، فلايجوز له هذا العمل وفيه مضار كثيرة قالها الأطباء، بل ألَّف بعض أهل العلم في ذلك مؤلفاً جمع فيه
المضار لهذه العادة السرية. فالواجب عليك أيها السائل أن تحذر ذلك، وأن تبتعد عن هذه العادة ففيها من المضار الكثيرة ما
لا يخفى؛ ولأنها عادة تخالف ظاهر كتاب الله العزيز، وتخالف ما أباح الله لعباده، فيجب اجتنابها والحذر منها، وينبغي لمن
اشتدت فيه الشهوة وخاف على نفسه أن يبادر بالزواج، فإن لم يتيسر ذلك فَلْيَصُمْ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا
مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ
وِجَـاءٌ" [2] ولم يقل: فمن لم يستطع فليخرج منيه بيده أو: فليستمن؛ بل قال: "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ
؛
فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أمرين:
أحدهما: المبادرة بالزواج لمن قدر .
: الاستعانة بالصوم لمن عجز عن النكاح؛ لأن الصوم يضعف مجاري الشيطان. فينبغي لك يا عبد الله أن تتأدب بالآداب
وأن تجتهد في إحصان نفسك بالزواج الشرعي حتى ولو بالاستدانة أو القرض، فإن الله سبحانه سوف يوفي عنك؛ فإن
الزواج عمل صالح وصاحبه مُعان كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
عَوْنُهُمْ: الْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ"[3].
__________________
إذا كثُر الاستغفار في الأمة وصدَر عن قلوبٍ بربّها مطمئنة دفع الله عنها ضروباً من النقم، وصرَف عنها صنوفًا من البلايا والمحن، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}