عضو هيئة التدريس بقسم السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 70
س / جزء من السعودييات يخلعن زيّهن وبالتالي حجابهنّ خارج السعودية ؛ فإذا كان لا إكراه في الدين، لماذا يفرض الحجاب عليهنّ؟
ج/ ملحوظة مهمة : المسلمة التي لا تلبس الحجاب لا يجوز أن توصف بأنها غير مسلمة أو أنها على دين آخر .. اللهم إلا إذا كانت ترى أن الحجاب تخلف أو أنه لا يتناسب مع العصر فهذه يسميها العلماء مرتدة ، والردة جريمة لها أحكامها وعقوبتها في الشرع .
وأما من تخلع حجابها من السعوديات خارج السعودية مثلا ، فلسن على منهج واحد ، فهناك من تخلعه قهرا بسبب زوجها أو والدها غير المحافظ ، ومنهن من تخلعه انهزاما أمام الأجنبي مع قناعتها بشرعيته ، ومنهن من تخلعه خوفا من الملاحقات الأمنية ولا سيما بعد الحملة الأجنبية الظالمة على كل ما هو إسلامي ، وبعد نشوء قوانين الإرهاب الموجه ضد الإسلام والمسلمين وليس ضد الإرهاب الذي سببته وصدرته عدد من دول الغرب لنا بواسطة استخباراتها وعملائها ومن ينخدع بهم من أبناء المسلمين .
ثم إني قد ذكرت لك موضوع المحافظة على النظام العام ، بغض النظر عن قناعات الأفراد ، وهو أمر بدهي فيما يعرف بحكم القانون .
س / ما رأي الشرع بعمليات التجميل الجراحية؟
ج / تختلف أحكامها باختلاف الحالات وقد عقدت العديد من المؤتمرات الفقهية لهذا الموضوع وخرجت بقرارات تفرق بين العمليات التجميلية العلاجية وبين العمليات التي تتضمن تغييرا لخلق الله كتغيير الجنس أو التي لا حاجة لها من الناحية العلاجية لعدم وجود أمراض عضوية أو نفسية تتطلب العلاج ، والتفصيل في هذا الموضوع يطول .
س / ما رأي الشرع بالتقليعات الغربية التي يعتمدها بعض الشباب من تطويل للشعر/ وضع أقراط/ وشم/ جينز "خصر واطي"...
ج / يحرص الإسلام على إبقاء الشخصية الإسلامية متميزة عن غيرها ، محصنة ضد الانهزام ، والانبهار بما يعارض أحكام الإسلام ، مهما كانت الدوافع . فالنصوص الشرعية والقواعد العامة في الشرع تمنع – مثلا - التشبه بغير المسلمين فيما هو من خصائص غير المسلمين مطلقا .
بل وتتعمق في وضوح الشخصية وإبقاء الخصائص الفطرية لكل من الجنسين في دائرة الإسلام ذاته ، فتعطي المرأة حق التجمل بكل ما يخدم أنوثتها ونعومتها مما لا يخالف الشرع . وتمنع كلا من الجنسين من التشبه بالآخر فيما هو من خصائصه الفطرية والشرعية ، وتعدّ تشبّه الرجال بالنساء فيما هو من خصائصهن ، أو النساء بالرجال فيما هو من خصائصهم - من كبائر الذنوب ، ومن ذلك وضع الأقراط فهو يُعدّ عند الفقهاء من التخنث ، وما يعرف الآن بالجنس الثالث ! وهي جريمة تستحق العقوبة التعزيرية في الفقه الإسلامي .
وهي أمور ممقوتة فطرة ولذلك ترفضها بعض المجتمعات الغربية ، بل منها ما هو مستهجن في المجتمعات الغربية فضلا عن الإسلامية ، مثل موضة الجنز الواطي !
كما تمنع بعض الأمور لحِكَم تخصها ، كالوشم فهو محرم في الإسلام وكبيرة من كبائر الذنوب .
فمن يفعل هذه المحرمات من المسلمين تشبها بغير المسلمين يكون إثمه أشد وعقوبته في الفقه الإسلامي أكبر من عقوبة من يفعلها من غير تشبه فيما لو أقيمت عليه دعوى حسبة .
س / كيف نتعامل مع هذه الظواهر؟
ج/ بالتأكيد يجب أن نبني الشخصية الإسلامية والعربية المعتزة بدينها وثقافتها ، وأن يوقف في وجه المظاهر الانهزامية والانقلاب المجتمعي التبعي التغريبي بشتى الوسائل المتاحة والممكنة ، ومنها التقنينية والتنظيمية أو ما يعرف بالتشريعية ، حتى يحافظ على الشخصية الإسلامية والعربية الحرة التي لا تقبل التبعية والخنوع ومن ثم التنازل عن المقدسات والحقوق والأوطان .
كما يتحمل الإعلام والقائمون عليه من شخصيات إعلامية ورجال أعمال وحكومات مسؤوليتهم أمام الله تعالى ثم أمام أمتهم في ذلك ، وأن يسعى الإعلام في رصد الظواهر ووضع البرامج المضادة ، والاستعانة بالمختصين في التخصصات ذات الصلة ، كالشريعة والاجتماع ، والاهتمام بوسائل الإقناع .
س / هل الدين يحرّم قصّات الشعر الغربية وتخطيط الذقن بين الشباب (يحرّّم أم يرفض؟)
ج/ سبق الجواب على هذا في موضوع التقليعات .
ويضاف إلى ذلك مسألة اللحية ، فهي من الشعائر الإسلامية للرجال في الإسلام . فيجب أن تبقى لحية رجولة لا عبث مراهقة .
ومن يخطط ذقنه تقليدا لغير المسلمين يكون قد جمع إثم التشبه وإثم حلق اللحية ، كما ينظر إليه العقلاء على أنه شخصية مهزومة في داخلها بسبب التقليد .
ومما يؤسف له أن بعض القصات والتعامل مع اللحية بحلق أو تخطيط ، له دلائله في المجتمعات الغربية ، وللأسف أن كثيرا من الشباب لا يدركون ذلك ، فتجد بعضهم يظهر بمظهر يخص فئة معينة من المجتمعات الغربية كالشواذ مثلا ! وهولا يعلم بذلك ! ويظن أنه يقلد موضة لا فئة ذات أفكار معينة ، ومثله من يتشبهون بعبدة الشيطان وهم لا يعلمون ، وهكذا التشبه بأتباع التيارات المعينة أوالتنظيمات السرية إلخ ..
س / كيف تنظر إلى من يهدد بالقتل من يعتمد أو يروّج لهذه الموضة (القصّات الغربية) بين الشباب ؟
ج / هذا إن وجد فهو ردة فعل غير شرعية ، فمسألة العقوبات عموما ليست حقا للأفراد ، وما يخص الأفراد هو التأديب لمن يكون في ولاية الشخص كالأب مع ابنه مثلا . وإن كنت أرى أننا في عصر ينبغي أن تقوم التربية فيه على الإقناع قبل كل شيء ، فشبابنا فيهم خير كثير ، لكن مرحلة السن وكثرة المخالطة للآخرين مباشرة أو عبر وسائل الإعلام والإنترنت تصنع قناعات يمكن تفكيكها بالإقناع أولا بإذن الله تعالى .
نعم من يروج لهذه القصات يجب أن لا يترك ليعبث في خصوصيات الأمة ، وشخصيتها ، ولكن عبر وسائل نظامية وقانونية ، وجهود مناصحة وتوعية .
س / باختصار، الموضة حرام أم ماذا ؟
ج : في ذلك تفصيل ، فه تكون حراما إذا اشتملت على ما يوجب تحريمها كما في الأمثلة السابقة .
وتكون من باب المباح إذا لم تشتمل على حرام ، وكمثال على ذلك ، نجد العلماء يرخصون في تشبه المسلمة العربية بالمسلمة من بلاد أخرى أو العكس ، في نوع الزي أو اللباس عموما حتى الأحذية ، أو طريقة تسريح الشعر وهكذا ، فنجد في مجتمعاتنا موضات تتعلق بلبس جلابيات تقليدية في بلد آخر ، لكنه يبقى لباسا مباحا لتوفر الشروط الشرعية فيه .
http://www.saaid.net/Doat/otibi/59.htm
------------------------
وأما الضوابط فلعلي أكتفي بإيراد ما أجبت به قبل بضع سنوات على سؤال إحدى الداعيات في النادي السعودي بإحدى المدن الكندية ، ولم أنشره من قبل ، وهذا نصه مع ما فيه من إحالة :
" س 1 : ( سؤال مطول حول الحجاب الشرعي وتفصيل أقوال العلماء فيه ) ؛ ج/ أحيل في جوابه على كتاب ( المتبرجات ) ، للأخت / فاطمة الزهراء بنت عبد الله ، ففيه ما يكشف المسألة ويبينها بيانا جيدا .
ويمكن استعارة هذا الكتاب من الأخت / أم عبد الرحمن ؛ وهذا الكتاب كتاب مفيد في موضوعه ومناقشته للشبه التي تطرح حول الحجاب ، وادعاءات بعض المتبرجات في ردهن للحجاب الشرعي ؛ فأنصح الأخوات بقراءته ومحاولة الحصول على نسخ منه أو تصوير ما يحتجنه منه ، وحبذا لو قامت إحدى الأخوات بتلخيصه ، ونشر ملخصه بين الأخوات برفق ولين ، ودون تعنيف ؛ فإن الله تعالى لما أرسل موسى وهارون إلى فرعون قال لهما : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) ، لعل الله أن ينفع به و يجعل ذلك في ميزان حسناتها . والله تعالى أعلم .
ومع التأكيد على رجحان قول القائلين بأن جميع بدن المرأة عورة حتى الوجه والكفين - ينبغي التنبيه إلى أمور مهمة :
الأول / أنَّ الفقهاء جميعا متفقون على أنَّ ستر الوجه والكفين أفضل من كشفهما .
ثانياً / أنَّ القائلين بأنَّ بدن المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها - ومن ثم يرون عدم وجوب ستر الوجه والكفين - يشترطون لذلك شروطا ، منها :
1) أن لا يؤدي كشف الوجه إلى فتنة الرجال وإثارة الشهوة ؛ وكذلك الكفان بأن لا يكونا فتنة في ذاتهما ؛ فإذا كان الوجه أو الكفان جميلان وملفتان بذاتهما وجب سترهما . ومن هنا نص بعض هؤلاء الفقهاء على وجوب ستر وجه المرأة الشابة مطلقا ؛ لأنه لا يكاد يخلو من فتنة .
2) أن يخلوان من الزينة ؛ لأنها مظنة الفتنة وإثارة الشهوة ؛ ومن ذلك استعمال المكياج والكحل وأصباغ التجميل ؛ فإذا كان الوجه قد زُيِّن بشيء من ذلك ، أو أن الكفين قد زينا بصبغهما بشيء من الزينة أو بلبس خواتم ونحوها ؛ فإنه يجب سترهما .
ثالثًا / أن الجمال والفتنة نسبيان ؛ فلا يمكن ضبطهما ؛ فقد يكون وجه امرأةٍ ما فتنا لشخص ، غير فاتن لآخر ؛ وهذا يؤكد أهمية ستر الوجه على كل حال ؛ بل ذكر بعض الفقهاء أن على المرأة كبيرة السن أن تحتجب عند من يفتن بها .
رابعاً / أن الأخذ بقول من أقوال الفقهاء لا يكون بمجرد الرغبة والتشهي ؛ بل لابد أن يكون للأخذ به مسوغ شرعي .
خامساً / أنَّ المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها العلماء ، لا يجوز أن تكون سبباً للفرقة والاختلاف بين المسلمين ؛ بل يبين الحق للناس دون تعنيف أو تشنيع على المخالف ؛ فإن قبل فالحمد لله ، وإن لم يقبل فلا يعنف ولا يعادى لذلك .
سادساً / أنَّ النقاب المشروع هو الذي لا يبدو منه شيئ من زينة المرأة ، لا في ذاته كأن يكون مزركشاً ؛ ولا من خلاله ، كالكحل ، وبعض الوجنتين ؛ فلتتنبه الأخوات لهذا الأمر.
وعلى كل فيحسن قراءة الكتاب المشار إليه ، والله تعالى أعلم . "
التعديل الأخير تم بواسطة الشيخ/سعد بن مطر العتيبي ; 12-09-2008 الساعة 12:41 AM