منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - حقوق الزوجين في الاسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-10-2007, 11:41 AM
  #5
خواطر امراة
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 744
خواطر امراة غير متصل  
من المصائب العظمى التي نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى للإسلام والى اليوم انتشار أحاديث ضعيفة وموضوعة ، بل وكلمات وعبارات تداولها الناس فيما بينهم وتلقاها البعض بالقبول وقاموا بتدوينها ونشرها على أنها من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذا الدين كما قال تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) آية (9) ، سورة الحجر

، ومن حفظ الله لهذا الدين أن هيئ الله للسنة من يكشف القناع عن حقيقة هذه الأحاديث فقد قام هؤلاء الأئمة جزاهم الله خيراً ببيان حال الأحاديث من صحة أو ضعف أو وضع واصلوا أصولاً متينة وقعدوا قواعد محكمة وبينوا درجة أي حديث ونصوا عليها وذلك هو علم (مصطلح الحديث) أو ما عرف بعلم الجرح والتعديل وهو المعني لدى المحدثين بـ"علم الرجال" وبذلك قطعوا الطريق على الذين أخذوا يحذفون أو يدرجون أو يحرفوا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويتقولوا عليه ما لم يقل ذلك لما عجزوا عن أن يدخلوا في القرآن ما ليس منه(10) .
وقد انبرى فريق من علماء السنة إلى جمع الأحاديث الموضوعة في كتب مستقلة وبيان دلائل وضعها ومن هؤلاء:
1- أبو الفرج ابن الجوزي .
2- جلال الدين السيوطي.
3- ابن عراق .
4- علاء على.
5- محمد بن علي الشوكاني.
6- ابن القيم الجوزية.
7- الشيخ ناصر الدين الألباني سلسلة « الأحاديث الضعيفة » و « ضعيف الجامع الصغير والكبيـــر » .
8- محمد بن إسماعيل العجلوني « كشف الخفاء » .
9- « تمييز الطيب من الخبيث للشيباني » ، وغيرهم ممن هيأهم الله لهذا الفن .


وقد انتقيت كتابين عرض كل منهما لبيان ( الأحاديث النبوية ) التي انتشرت على ألسنة الناس في القرنين العاشر والثاني عشر الهجريين ، وتوارثها بالطبع أبناء القرنين الثالث عشر والرابع عشر حتى وصلت إلينا !
أما الكتاب الأول فهو ( كتاب الشذرة في الأحاديث المشتهرة ) لمحمد بن طولون الصالحي ، المولود 880 هـ والمتوفى 953هـ ، وقد جمع كتابة قرابة ألف ومائتي حديث كانت مشتهرة بين المسلمين في القرن العاشر الهجري .
وأما الكتاب الثاني فهو كتاب ( كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ) للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي المتوفى عام 1162هـ وقد جمع فيه أكثر من ثلاثة آلاف ومائتي حديث كانت شائعة بين المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري .

وقد استعرضت ما في الكتابين من ( أحاديث ) ، أو بعبارة أدق : ما اشتهر على ألسنة الناس أنها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتبين لي أمران :
الأول : أن[ قسماً كبيراً منها عن ( المرأة ) مكانتها ، وكيف يتم التعامل معها ، والنظر إليها في المجالات المختلفة . والثاني : أن القليل من هذا القسم يمثل حديثاً صحيحاً ، وأن أكثرها لا أصل له في الحديث النبوي الصحيح ، وفي الإسلام بعامة ، بل إنه معارض معارضة جلية لنصوصه الصحيحة ! والعجب بعد هذا من انتشاره بين المسلمين على أنه من الحديث الصحيح ، وتناقله بينهم جيلاً بعد جيل .


ولعل الذي يفسر هذا الانتشار والتوارث - إلى جانب جهل كثير من الناس -

هو أن هذه النصوص صادفت هوى وقبولاً سريعاً في الشعور واللاشعور الجمعي لنفسية الرجل الشرقي التي تسيء الظن بالمرأة لأسباب كثيرة متوارثة منذ عصور الجاهلية الأولى وربما قبلها ، ومن ثم وجد الاستعداد التلقائي عند عامة الناس وجمهورهم لتلقي هذه النصوص على أنها من صحيح الدين - دون تحقيق علمي أو وقفة موضوعية مع النفس - وهذا من منهج العوام وأشباههم ؟ بل إن الأمر لم يقف - فيما يبدو لي - عند العوام وأشباههم ، بل تعداهم إلى ( بعض أهل العلم ) الذين نجد بعض هذه النصوص فيما سطروه أو أذاعوه ( دون تحقيق علمي ) ، وما ذلك إلا ، لأن عقلهم ووعيهم في مجموعه جزء من الوعي الجمعي العام لعصورهم ومفاهيمه ! .


ولم يكن من قبيل المصادفة أن ينبه أبو حامد الغزالي (هـ450 - 505 هـ ) في بحثه عن حقائق الأشياء إلى الحذر من النظر إلى كل ما يرثه الأبناء عن الآباء والأجداد على أنه عنوان الحقيقة ومجالها ، فكثير من هذا الموروث أمور باطلة عند التحقيق .
ولم يكن الغزالي في تنبيهه إلى عدم اعتماد الوراثة عن الآباء والأجداد معياراً لصحة الموروث دون فحص - إلا واحداً من علماء المسلمين الذين أخذوا هذا عن القرآن الكريم الذي عاب على الذين يبررون سلوكياتهم ويحتجون لصحتها بأنهم وجدوا آباءهم عليها وأنهم على آثارهم مقتدون كقوله تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ) ( البقرة 170 ) وقوله تعالى : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون ) (المائدة 104) وقوله تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ü وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) ( لقمان 20 - 21 ) .. والآيات في هذا كثيرة .