دُولُ الشّيـــَـاطِين.
دول الشياطين
عندما تتحول عبارة من
انتقل إلى رحمة الله
إلى قولنا
انتقل إلى ساحة الشيطان
كم حجم الذل الذي يواجهه المنتقل إلى تلك الساحة ؟
امرأة زيد من الناس تحفظه في بيته و تحاول جاهدة ( حسب استطاعتها ) أن تسعده،
امرأة رقيقة طيبة خلوقة فيها من الجمال قسمة الله لها، حملت منه ثلاثة، أرضعتهم
و فطمتهم و أطعمتهم و طهرتهم حتى صاروا مصدر أنس لأبيهم و يكفيه منهم قول : بابا.
تلك المرأة بدلا من أن تقول : أحبك ، تقول : أنت كل شي في حياتي.
وبدلا من أن تقول: كم أنا مشتاقة لك ، تقول : يا ليتني عندك.
وبدلا من أن تبكي أمام زوجها حزنا على فراقه ، تبكي بعد أن يغيب عن ناظريها
حتى لا تقلقه عليها و على أبنائه فيتعثر في مهمته التي سافر من أجلها.
كل ذلك و غيره يفسره الزوج بـ ( شح في الرومانسية ) ( إقلال في الإهتمام ) يأملهما منها .
حياة امرأة أخرى في الشرق أو في الوسط ! ( عبارة لا يفهمها إلا أنا! ) حياة شحيحة فيها
فقر من كل شي، شح و فقر في المشاعر التي تتلقاها من القريب و البعيد و شح في المال
و السكن أثاثا و أكلا .
( زيد ) زوج تلك الزوجة الوفية التي في المثال الأول ، التقى بتلك المرأة البائسة
التي تسكن الشرق و الوسط !، التقاها في مجلس واحد رغم ما بينهما من مسافات
تصل إلى 2000 كلم .
في أول لقاء تحدثا فيه ، كان زيد على عجل أن يسمع كلمة ( أحبك ) ،
وكانت تلك البائسة تسأل بين فينة و أخرى أسئلة كثيرة ( كم طولك ، كم وزنك
كم عمرك ، ما هي وظيفتك ، أين تذهب للسياحة عادة ، هل و سبق أن أحببت ،
هل أنت متزوج ) ، كانت إجابات زيد على تلك الأسئلة أحسن الإجابات ، يعلم
جيدا زيد كيف يردن النساء البائسات من الرجل هذا اليوم أن يكون ، فاختار
من العمر ما يناسب عمر صوتها الذي خمنه، و من الطول و الوزن ما يجعله في
نظرها متناسقا، و من الوظائف ما يعكس مدى مكانته و ثراءه، ذلك الثراء
الذي يجعله لا يكون سواحا إلا في بلد غال كإيطاليا مثلا.
يقول زيد : لم يسبق أن أحببت .
ويقول للبائسة أيضا : لم يسبق أن تزوجت.
البائسة لها محاولات عديدة قبل زيد مع غيره من الشبان، كلهم وصل إلى مرحلة
لم تعد في قواميس الكذب و الخداع كذبة لم يستخدمها فيها إلا و قد استهلكها ، فاختار
أن يكون صادقا رغم أنفه فتركها و راح يجرب الكذب مع بائسة أخرى غيرها .
لذلك كانت البائسة تردد على مسمع زيد أكثر من مرة في الدقيقة :
أهم شيء الصدق يا زيد، أنا لا أريد شيء غير الصدق يا زيد،
و زيد يقول بإحكام الصادق لأقواله: إن شاء الله يا ريما، و لماذا أكذب؟
استمرت ذلك الحديث 4 ساعات : كان آخره إفراغ شهوة الآخر باسم
الحب الذي تولد في ساعه ، حب زعم زيد أنه ضالته و زعمت ريما
أنه هو ما تريده ، انتهى الحب في نفس اليوم ، زيد راح يبحث عن أخرى
و ريما مصدومة من شدة اتقان زيد دور المحب الصادق، أظنها تنتظر
إلى الآن مكالمات زيد.
ما زلتم تقرأون شيئا من أحداث تدور في دول الشيطان، و كل قلب خلا من
خشية الله و تقواه هو مربع و دولة للشيطان.
زيد ذهب إلى مكان آخر في ( الشرق و الوسط ! )، و ظل يبحث عن رومانسيته
الضائعة مع زوجته ( على حد زعمه ) ، فالتقى ببائسة أخرى .
أوووووووه ، نسيت أن أقول لكم شيئا مهما، زيد قبل زواجه كان فعلا على
علاقة فعلية بأخرى ، كان مراهقا في حينها و كان معجبا بفتاة من بلدته
و يقابلها و يحادثها ، كانت فتاة حقا تجيد كلام الغزل و تتفنن فيه.
كان قلب زيد خاليا و كانت تلك الكلمات تحدث فيه شيئا كثيرا و كان يرد على
تلك الكلمات بأحسن منها ، لكن يا خسارة ، لم يشأ هو أن يتزوجها ، كان يراها
مع حبه الشديد لها ( خائنة لا تستحق أن ترتبط بشريف مثله ) ، يا إلهي
ما هذا التناقض العجيب في التفكير ؟
لا تعجبوا : أنتم في دول الشيطان! .
المهم، نعود إلى البائسة الأخرى التي تعرف عليها ، تحدث معها زيد ما يقرب
من ثلاث ساعات ، قالت البائسة منال له في ثنايا حديث : أنت صديقي الصدوق!.
قال لها : ودي تناديني بغير هذا الإسم.
قالت : مثل إيش ؟
قال: لقب أحبه و يشرفني أن أحمله ، ( حبيبك ) .
( ذكرني بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد يرحمه الله ، كان اسمه : صاحب الجلالة ،
و في إحدى المناسبات قال : أحب أن أستبدل مسمى صاحب الجلالة بلقب أحبه
و يشرفني أن أحمله : خادم الحرمين الشريفين )
على أية حال، منال البائسة ، كانت قد مرت هي الأخرى بتجارب حب قديمة ، و إن
كنت أظن أن 99 في المائة من قصص الشباب و الفتيات التي يزعمون فيها الحب هي
قصص إعجاب و حالات نفسية.
أعطت منال زيدا درسا في الحب ، و قالت له: ينبغي أن لا نستعجل و أن نصبر ، و نترك
الأيام تحكم على حبنا، الحب يا زيد كذا و كذا و كذا .
كان واضحا من حديثها أنها تتخوف نتيجة تجربة مريرة عانت منها قبل زيد.
لكن زيد لم يعجبه حديثها و إن كان يبصم بالعشرة أن كلامها صحيح و لا غبار عليه.
يريد زيد أن يصبح حبيبا في ساعة و يتزوج بها عبر الأثير في ساعة و يدخل
بها في ساعة !.
فعلا، زيد كان بارعا جدا في إيصال مشاعره في ساعة و جعلها تصدقها،
و اقنعها بالزواج في ساعة و تزوجها من غير مهر و لا شهود و لا عقد و لا ولي ،
فكل ذلك غير معترف به في دول الشياطين، أفرغ شهوته و أفرغت شهوتها
في ساعة و طلقها بعد نصف ساعة.
كل ذلك من زيد بسبب ظنه زوجته ( ليست رومانسية بما فيه الكفاية ) ،
و هي و ربي طاهرة عفيفة متفانية محبة خلوقة يندر أن تجد صفات فيها في غيرها.
لم يكن زيد يفهم تعابير زوجته له ، كانت تعبر عن الحب له بصور شتى هو
لا يفهمها لأنه يعيش في دول الشياطين التي لا تعترف إلا بعبارات معينة
و أحرف موزونة و تغنج موزون على الآلة و ضحكة صاخبة و تأوه مدروس مؤثر.
همسة في أذن كل زوجة
مادام[blink] بعض[/blink] الرجال بتلك السخافة ، فابحثوا ماذا يحبون أن يسمعوا
بالضبط من العبارات ، و رددوها على مسامعهم كالبلابل الجميلة حتى
لا يزعجكم نهيقهم.
هدى الله أزواجا مثل زيد و فتيات من مثل منال و ريما.
صورة تعانيها بعض البيوت.
وليد
__________________
اللــهُمّ توفـّنـي مُسْـلـمـاً وَألـْحِـقنـي بـِالـصَّـالِـحـيـْن