منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - قِــصّـــةُ ظَــمـــأْ
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-05-2007, 06:13 PM
  #40
ولـيـد
قلم مبدع
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 309
ولـيـد غير متصل  
بعضكم يستغرب : من أنت حتى تعلم كل تلك التفاصيل ؟

لا تستعجلوا سأخبركم إن أردتم لا حقا.



ظن خالد أن سفره سيحل المشكل و رأى أن سفره بعيدا سيريح نفسه المتعبة،

لكن ما حصل كان على العكس تماما و أعظم من كل المشكلات التي واجهته.

ذهب خالد في تلك المدينة إلى مجموعة من أصدقاء الدراسة القدامى و اختار

أن يعيش بينهم فترة من الزمن و رحبوا به .

أصدقاؤه كانوا طائشين ، كانوا أهل معصية و أهل بعد عن الله، حياتهم سهر

و لعب حتى موعد أعمالهم ، ثم إذا عادوا إلى بيوتهم ألقوا بأجسادهم الخالية

على الأسرة و ناموا إلى الليل ثم عادوا إلى سهرهم و لعبهم.

كان خالد ممن يستمعون إلى الغناء عياذا بالله و كان ذا صوت جميل

أيضا ، كان أحد أصحابه عازفا بآلة العود و كان يعزف و يغني و يغني

معه بقية الشباب و يشاركونه، كان خالد أيضا يغني معهم فراق لهم

رخامة صوته و عذوبته و أخذوا يتلذذون بسماعه يغني لهم كل ليلة يجتمعون فيها.

قرر الشباب أن يعلمونه عزف العود كما أراد خالد، فتعلم العزف و أصبح

العود لا يفارقه و الحزن في صوته و أغنياته يلازمه .

تطورت الأمور إلى أن صار يحيي حفلات خاصة لبعض الكبار هداهم الله .

كثرت علاقات خالد وزاد رصيده من رفاق السوء و كل يوم ينهج نهجا

جديدا سيئا في حياته حتى وصل إلى تعاطي المخدرات و العياذ بالله.

يبدوا أن خالد قد نسي فعلا مسؤولياته و أسرته و أهله و لم يعد يفكر فيهم أبدا .

استمر على هذه الحال 10 أشهر منذ أن غادر مدينته، ثم أحس بشيء

يسير من الحنين و الشوق إلى أهله بعد أن دمرته المخدرات و أصبح

مهووسا مضطربا قلقا محمر العينين أسود الوجه كثير الشعر .



سارة و ضعت بنتا في تلك الفترة التي بعد فيها زوجها عنها، و ازداد

ألمها ألما فوق ألم الولادة و همها هما فوق هم الرعاية و التربية ، تدعوا

الله ليل نهار أن يعيد إليها أب أبنائها و يقر عينها برؤيته قريبا .



أما أم خالد فلا تسألوا عن حالها ، مريضة قعيدة الفراش كثيرة

البكاء على ولدها ناحلة الجسم و داء السكري أجهدها و أجهد قلبها.

أبو خالد لم يعنه ابتعاد ابنه شيئا و كأنه لم يقلق عليه أبدا أو نسي

أساسا أن لديه ابن اسمه خالد و هو ابنه البكر المدلل في الصغر .

أبو سارة و أم سارة يبدوا أن مكوث ابنتهم عندهم رغم ألمها

و حاجتها و حاجة أبنائها إلى خالد لم يكن يحرك فيهما شيئا

ويبدوان سعيدان مادام راتب ابنتهم في أرصدتهم و يشعران

بالإنتصار على أهل خالد.

أما أقارب البيتين فمنهم من يتلذذ برؤية ما يحدث على مر السنين، كأبي

عبد الله
الذي أراد سارة من قبل لابنه عبد الله لكن الفتاة رفضته ، و منهم

من يقول لا دخل لي فيما يحدث .


عاد خالد و قد أصبح عمر ابنته شهرا ، اتصل بزوجته و أخبرها أنه قادم ،

لم تصدق سارة أن المتصل خالد، كانت مفاجأة و كذلك تغيرت طريقة كلامه،

علمت سارة من نبرات صوته أنه قد تغير ، أصبح حديثه هذيانا ، يمط

الكلمات مطا و يستغرق في التبيين وقتا، فرحت كثيرا انه قادم بعد انتظار

طويل و لو كانت تقدر أن تغضب منه في لحظة لقائه بسبب تفريطه

فيها و في أبنائه لفعلت ، لكنها نسيت كل ما جاء منه بمجرد أن علمت أنها

ستلقاه.

جهزت ولديها و جهزت المولودة حتى يستقبلون الأب جميعا ، ما هي إلى ثلاث ساعات

حتى اتصل خالد و أخبرها أنه بجانب منزل أبيها، خرجت إليه كي تدخله إلى

مجلس الضيوف ، فتحت الباب و دخل خالد فرأته، رأته غير خالد الذي تعرفه،

رأته نحيلا جدا غير نظيف أحمر العينين كثير الشعر غير متزن المشية رائحته سجائر

كثير الهذيان مضطرب الشخصية، أدخلته إلى المجلس و هي تبكي و تكثر

من دعاء الله أن يصلح أحوالهم ، و تكثر من لا حول و لا قوة إلا بالله ،

كيف يا خالد تتركا كذا ؟ ، كيف يا حبيبي تقطع قلبي عليك ؟ كيف يا حبيبي

تقدر ما تسمع صوتي 10 شهور و أنا الي كل ليلة اشتاق أسمع صوتك ؟

كيف تتركني ؟ حملت ببنت لك وانت ما تدري ، و وضعتها و أنت ما تدري ،

أولادك يسألون عنك كل يوم وين بابا وانت ما تدري، تبكي و هي تقول تلك

الكلمات ثم أنهتها بقولها : الحمد الله انك رجعت و شفناك ، الحمدلله إنك رجعت لنا سالم.


كانت تتحدث و هو لا يتحدث ، ينظر إليها و إلى ابنته الصغيرة كثيرا ،

قالت له سارة : وش رايك أجيب لك ملابس و أجهز لك الحمام ( أعزكم الله )

و أدوات الحلاقة تهيء نفسك و تتنظف ؟

اشار إليها برأسه أن نعم . قامت و فعلت ما أرادت و أحضرت له الحاجيات ،

دخلت المجلس عليه ووجدته يحمل الصغيرة و يضمها إلى صدره و يبكي ،

جلست بجانبه ووضعت يدها على ظهره و مسحت عليه و قالت : لا عليك

الأمور إلى أحسن إن شاء الله ، قم و تنظف حتى أعد لك شيئا تأكله.

أكل خالد و نام نوما طويلا، من حسن حظه أن عمه مسافرا و لم تنغص

أم سارة على ابنتها و خالد دراية منها أن ابنتها قاست كثيرا في غياب زوجها.


رأى أحد إخوة خالد الصغار أخاه خالدا خارجا من بيت عمه، فأسرع إلى

أهله و قال بصوت عال و يصرخ منذ أن دخل إلى أن وصل إلى أمه و عندها

أبو خالد ، خالد جاء خالد جاء خالد جاء.

أمه تسأل : وين شفته و ين ؟

خارج من بيت عمي و ركب السيارة و مشى .

بكت أم خالد بشكل هستيري ، تنوح نوحا و تقول : حرمتني من ابني حسبي الله

عليك، حرمتني منه حسبي الله عليك ، كرهته فينا ، جا و ما زار أمه و مشى ، بيغيب

10 شهور بعد و ما بشوفه ؟ ، حسبي الله عليك ، حسبي الله عليك .




كانت تلك الدعوات كسهام شديدة على قلب أبي خالد الذي كان يبدوا هو

أيضا مشتاقا إلى ولده لا كنه لا يبدي ذلك، انسحب أبو خالد و سط دعوات أم خالد

و سقطت دمعة كاد أن يخفيها و هو خارج من المنزل لولا أن رأتها ابنته منحدرة على خده.

خرج الأب و صادف خالدا عند الباب و كأن خالدا كان ينوي زيارة أمه لكنه كان

مترددا خوفا من أبيه.

جمع الله بين الأب و ابنه على غير ميعاد سابق ، خالد بمنطق التقدير و البر أقبل جهة أبيه

و قبل رأسه و يده ، و الأب بمنطق الرحمة و الحب استقبل ابنه.

لم يقل الأب إلا : إذهب و سلم على و الدتك و بيتك مفتوح لك و لزوجتك إن أردت العودة ، و انصرف

الأب و ذهب خالد إلى أمه و سلم عليها و قبل رأسها و جلس عندها طويلا

يسال عن حالها و تسال عن حاله و أخبرها بما قاله له أبوه بشأن العودة إلى المنزل و سرت

والدته كثيرا .


عاد أبو سارة من السفر ، و علم بوجود خالد من زوجته ، اتصل خالد على سارة

و أخبرها بموافقة أبيه على عودتهم إلى المنزل فسرت هي أيضا سرورا شديدا.

ذهبت إلى أبيها و أخبرته بموقف عمها وسماحه لهم بالعودة إلى البيت .


رفض أبو سارة عودة ابنته إلى بيتها و قال لابنته : إن كنت تريدين العودة إلى زوجك

و هو يريدك فاختاروا بيتا غير بيت عمك ، حاولت سارة أن تقنعه و أن ذلك

ربما يجعل أبي خالد يستاء من ابنه بسبب حبه ابتعاده عنه ، ثم يا أبي خالد

ليس عنده ما يمكنه من استئجار بيت جديد و تأثيثه ، إلا إن كنت تريدني

أن أتعاون معه بمالي الذي عندك و تسمح لي أن أعطيه من راتبي ما يعينه

على فعل ذلك ، و هو سيردها إلي لاحقا.

تمسك أبو سارة برأيه و أصر ألا ترجع ابنته إلى بيتها الأول، و وافق على أن يجعل

ابنته تتصرف في مالها كيف شاءت هي و زوجها على أن تخبره أولا بأول

أين ذهب كل ريال من مالها حتى يضمن عدم استغلال زوجها لها .



بقي تتمة أخيرة إن شاء الله مع بعض الفوائد.

أشكر لكم صبركم.
__________________
اللــهُمّ توفـّنـي مُسْـلـمـاً وَألـْحِـقنـي بـِالـصَّـالِـحـيـْن