![]() |
من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لي فترة لم أقرأ مقالات سلمان العودة وأعجبني جداً هذا ..! وإحدى محطات التلفزة كانت تعرض مظاهرة حاشدة، وفي المجلس خليط يشاهدون ويحللون. السياسي ينظر إلى الأحزاب والجماعات والدول التي يقول إنها وراء الحشد. التاجر يفكر كيف يستثمر هذا التجمع لتسويق بضائعه، مشروبات، أطعمة، أعلام.. إلخ الأمني يفكر في خطورة الانفلات، أو وجود عناصر مدسوسة.. شاب يحدق في وجوه الفتيات المشاركات! إنه (الإطار العقلي) واختلاف زاوية النظر. يقرأ أحدهم كتابًا فيعجبه، ويقرؤه آخر فيزهد فيه. قد ترى وجهًا من الحقيقة ويرى غيرك غيره، وقد ترى اليوم شيئًا وترى غداً شيئًا آخر. ثَمّ عوامل ثقافية واجتماعية، تعليمية وإعلامية، سياسية واقتصادية، تؤثر في التفكير وتشكل طريقة عمله، وتصنع أنماطه وأساليبه المتنوعة. الفارق الجوهري هو بين مجتمع واعٍ قادر على تنمية فكره وتجديده، وآخر مقتنع بمثاليته مشبع نفسه بوهم الكمال. العقل ميال إلى جعل المصلحة الخاصة مصلحة عامة، وقد يبدو الإنسان متحمسًا لقضية اجتماعية دون أن يعي أن حماسه يدور حول ذاته. قد أدعي الحياد والموضوعية، وأنا صادق مع نفسي، لأني لم أدرك حجم التأثير والضغط الباطن علي، وتأثيره في قراراتي. حين أحب فلانًا فليس لأنه يمثل الحقيقة، بل لأنه يمثل جانبًا مهماً في شخصيتي. في حياة الفرد والجماعة (بطل) يمثل ذروة الإنسانية، وحين يشح الواقع بالأبطال الحقيقيين نلجأ إلى اختراعهم، ووظيفة الأبطال مهما تنوعوا واحدة؛ هي ملء فراغ في ثقافة المجتمع لا يمكن أن يملأه غيره. من النادر أن يكون المجتمع قد عرف أبطاله عن قرب، والوجدان الشعبي لا يبدو مكترثًا بالحقيقة التاريخية للبطل بقدر صورته الأسطورية التي صاغها الأدب أو الفن أو المخيال الشعبي. قد يتنازع حق وحق، فليس كل نزاع هو بين حق وباطل، والمشكلة في زاوية النظر واختلافها وعدم تقدير رؤية الآخر. حين ينتفع إنسان يظن الناس كلهم منتفعين ويريد منهم الرضوخ والاستسلام. كثيرًا ما نسخر بما يخالف مألوفنا، أو نرفض معلومة لا تطابق مقاييسها معلوماتنا البدائية. أشار أبو حامد الغزالي إلى أنه لو حدَّثك أحدٌ أن إنسانًا يحُكّ خشبةً بخشبة، فيخرج منهما شيء أحمر بمقدار نواة التمر، يأكل المدينة وأهلها فسوف تستنكر ذلك، ما لم تتعلم أن حك غصنين من شجرتين يولد شعلة نار قابلة لإحراق مدينة! وحين تُحَدِّث شخصًا معزولًا عن العالم، عن التلفاز وكيف أن الأموات تنشر فيه وتتحرك وتتكلم وتضحك، وأن الحروب العالمية تشاهد فيه كأنها تحدث الآن، لعدّ هذا نوعًا من الهرطقة. من الطريف أن اثنين شاهَدَا الطائرة في الفضاء لأول مرة، وتكلم أحدهما عند أصدقائه بما رأى، فكذبوه وسخروا منه، فطلب شهادة زميله على الرؤية، ولكن زميله أنكر ذلك وهمس في أذنه: هل تريد أن يتهموني بالجنون؟ أخطر العادات هي عادات العقل، على أن الكثيرين سوف يُصدمون عندما يسمعون هذه الكلمة! الجذور الخفية للعادات توجد هنا، ولأنها خفية لا نتفطن لها، نحن نفكر (عادةً) بطريقة تلقائية دون أن نملك التفكير في تفكيرنا! التغيير يبدأ من هنا، علاج الإدمان والتخلف والجهالة والسياسات الضالة والأخطاء المتكررة، يبدأ من الوعي بمشكلة (طريقة تفكيرنا). اكتشاف عادات العقل يطور قدراتنا، ويحقق درجة عالية من النفاذ إلى جوهر الأشياء. قد نظن أننا ننظر إلى اتساع الأفق بينما نحن في الحقيقة ننظر من ثقب الباب. الذكاء قابل للتطوير إذا أتقنا مهاراته، وقد كتب (آرثر كوستا) ست عشرة مهارة أو عادة عقلية في كتابه (عادات العقل) الذي ترجمه حاتم عبد الغني. |
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
جزاك الله خيرا
|
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
بارك الله فيك
كلام عميق |
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
وبعض الاوقات ننظر من ثقب ابره :15:
|
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
شكراً لكِ أيتها الحياة، مقال رائع جداً يكشف عن العتمة الكبيرة التي تلف عقولنا، حينما أتأمل أنفسنا وضعفنا أشعر وكأن الله ينظر إلينا كما لو كنا ننظر إلى طفل عمره شهوراً نسوه أهله في صحراء شاهقة وإذا به يحبو هائماً لا يدري أن أهله أظلوه ولا يدري ما مصيره ويظن أنه بخير فقد وثق ببرائته التي تطفح فوق صفحة وجهة وتشع من عينية، الحقيقة أن عقول الأكثرية من البشر تظن وتزعم وتقيس وتشكل وتركب وتفهم وهي خاطئة مغرورة ليست على شيء، نحن كبشر ضعفاء مساكين لا حيلة لنا نكتشف ذلك في تفاصيل يومياتنا مواقفنا أفكارنا قراراتنا أحكامنا، ولذلك أثق برحمة الله لنا وعفوه وعطفه، بل وقرر لنا أن نخطئ وإلا سيذهب بنا ويأتي بغيرنا فيخطئون ويستغفرون ويغفر لهم، اللهم اغفر لنا.
اقتباس:
اقتباس:
|
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
بارك الله فيك
|
رد : من ثقب الباب! لسلمان العودة ..
لكلِ المارّون هُنا ’’
حيّـــــــاكم الله وجُزيتم الفردوس الأعلى من الجنّة .. الرجل الأنيق ، أشكرك على إضافتك .. |
الساعة الآن 10:22 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لموقع و منتدى عالم الأسرة و المجتمع 2010©