منتدى عالم الأسرة والمجتمع - يازوج ويا زوجة .. من تستشير ؟ وممن تقبل؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحياة لا تخلوا من منغصات ولو صفت لأحد لصفت لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد قال الشاعر أبو علي الشبل :

فالهم ليس له ثبات مثل ما **--** في أهله ماللسرور ثبات

قد يريد المرء البرء من مشاكله فلا يجني من المشورة إلا سقما ، ويظن أنه من ورائها يجد السعادة والحل فلا يجد

إلا ندما . كما أن ذي اللب الحصيف يعلم أنه ليس كل من استشير ذو رأي سديد فلا يجب عليه أن يكشف

مشاكله وأسراره لكل من جالس ، بل يختار الأنصح والأرفق والأشفق عليه من نفسه ، وقد قال الشاعر :

واستر عن الجلساء بثك إنما **--** جلساؤك الحســاد والشمات.

وهناك من الناس من تظهر نصائحه جميلة وهي من داخلها قبيحة،

هو من يهمنا وإلا فسيء الخلق سقيم في نفسه ، فكيف يرشدك إلى إبراء نفسك وحل مشاكلك ؟

إنما الحديث هنا عن المتشدقين والمتحيذقين ، أهل العبارات الموزونة والعبارات المشفقة الحنونة،

أولئك الذين نظنهم ربما أهل مكانة ومركز، وهم في الحقيقة عن إصلاح أحوالهم أعجز ، نظنهم بعد نصائحهم

أنهم هم وهم فقط من يريد لنا الصلاح ، لكنهم يسوقوننا حقيقة إلى أحزان وأتراح.

إخوتي وأخواتي المتزوجون

إننا ننعم بنعمة عظيمة هي آية من آيات الله .. قال تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها

وجعل بينكم مودة ورحمة " .. تلك الآية العظيمة والكيان الشريف الطاهر تستحق منا أن نضع لها سياجات

متينة وحصون عالية كحصون أعظم مدينة ، لا ينبغي أن نترك تلك الآية مرتعا للحاسدين ، ولا فرصة تفريغ

الحقد فيه من الحاقدين ، ليكن أكثر ما يعنيك في هذه الدنيا بعد الإسلام والوالدين ،الزواج ، ليكن هو اهتمامك ،

وهو اطمئنانك ، كيف لا وهو عنوان الإستقرار وفرصة عظيمة به نحوز رضا الغفار ..

نعم تحوز به الرضا أيها الرجل وقد قال صلى الله عليه وسلم: " خيركم خيركم لأهله "

نعم تحوزين به الرضا أيتها المرأة وقد قال صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت

الجنة " ..

واليوم هنا نحن من أجل الكلام عن أمر رهيب يقع من بعض الرجال والنساء ينتج عنه فشل الحياة الزوجية

المشورة ظاهرة الحلاوة خافية الفساد

إن الخطير في هذه المشورة هو خفاء فسادها

والأخطر من خفائها حلاوة ألفاظها

والأخطر من حلاوة ألفاظها تلبيسها ثوب الشفقة

والأخطر من شفقتها أنها ربما تأتي من أناس محسوبين عندنا ..

ربما من الأخت ، ربما حتى من الأب والأم !.. ربما الصديقة وربما القريبة ..

علامات فاسدي المشورة :-

1-لا يجعلون بقاء الأسرة أول اهتماماتهم .

فلا يخففون عن صاحب المشكلة ولا يسعون نحو ترقيق قلبه وحثه على العفو والصفح.

2-تذكير طالب النصيحة بـ " عزة نفسه " ، وأنه يجب ألا يهدر كرامته .

وكان الأجدر بالناصح تصبيره وتذكيره بالأجر الذي يناله من وراء المحن .

كل هذا من أجل أن نبقي على منارة الزواج شامخة ممتدة لا مائلة معوجة وربما تمحى من جذورها.

3-إعطاء حلول صحيحة عواقبها وخيمة مفسدة.

كيف :

مثلا لو كانت المرأة تعيش مع زوجها في بيت أهله .. وحصل تدخل من أهل الزوج في تربية ابنها ..

تجد الناصح المفسد يقول : أنت أحق بتربية ابنك من جدته أو من جده أو عمه أو خالته .. يجب ألا

تسمحين لهم بإفساد طبائع ابنك وسلوكياته بتلك الممارسات الخاطئة ..

تلك الحقيقة حق وصواب في ظاهرها لكن عواقبها الإفساد ..

المرأة تذهب تحذر وتزمجر .. هذا ابني وأنا من يربيه .. أفسدتموه وغيرتم طباعه ..قد كنت من قبل لكم

سماعة .. لكن من اليوم لا سمع لكم ولا طاعة ..

ثم يكون الشجار وتتأجج النار بين الزوجة وأهل زوجها ، ثم تتفاقم الأمور إلى ما لا يحمد عقباه ، ولم ينل

كل من الشجار شيئا مما ابتغاه ...

وكان الأجدر بذاك الناصح : أن يوصيها بزوجها وملاطفة أهله والصبر وأخذ الحقوق بالحسنى والحكمة .

4-قولهم : أنا سمعت عن " زوجك ، زوجتك كذا " وأنا لا أدري لكن لا أعتقد أن فلانا " ناقل الخبر"

يكذب !! ماهي مصلحته يكذب ؟ ما عهدنا عليه كذبا .. ونحو هذا الكلام.

والله عز وجل يقول: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة

فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"

هذا في حق الناس عامة فكيف بزوجك أو زوجتك ، من حقه أو حقها عليك أن تلجم

ناقل الخبر وتلقمه الحجر ، ثم إن كان ما يزال في القلب حيرة وشك فاسأل وتبين قبل

أن تتصرف تصرفا خاطئا فتندم.

حتى وإن كانت استشارتك عند الوالدين فهذا لا يعني أن تقبل منهم وتطيعهم في أي شيء..

فما كان من أمرهم من معصية وظلم فلا تفعله " لا طاعة إلا في المعروف " " ولا طاعة لخلوق

في معصية الخالق"

وما كان من مشورتهم ونصحهم اتهام لشريك حياتك فتثبت منه قبل أن تقدم على شيء فتندم

ولاة حين مندم.

إن من أوسع أبوب النصيحة هذه الأيام باب " الإنترنت " وما أكثر الناصحين فيه لكن :

ليس كلهم ينصح بحق

لا ينصح بحق إما عن جهل وإما عن حسد..

فنصيحتي لكم :

من رأيتم في نصحه حب الخير والإبقاء على الأسرة قدر الإمكان فاقبلوا منه ،

ومن رأيتم في نصيحته إفساد " ولو لم يقصده " فردوا نصيحته عليه .

والله أسأل أن يسعدكم ويوفقك إلى ما فيه صلاحكم وصلاح أسركم.